March 13, 2011

النبطي

..
النبطي
يوسف زيدان
دار الشروق 2010
..
ربما قصد يوسف زيدان أن يدخل لحياة الأنباط في الرواية بعين غريبة عنهم فكانت هي مارية الفتاة المصرية البسيطة التى لا تملك رأيًا في زواجها بأحدهم فتترك حياتها الأولي تماما لتبدأ حيوة أخري كأنها تولد من جديد وبينهما حيوة فاصلة هي الرحلة والسفر ما بين الحيوة الأولي والثالثة
وهذا ما ذكره في الرواية من الحكمة النبطية الخالدة: دوران الحيوات


أراد أن ينطق المرأة في زمن لم تنطق فيه ولم يعرف لها فيه صوتا
أنطق المرأة في زمن لم يصل لنا منه غير صوت الرجل، وإن استحوذ على هذا النطقِ الوصفُ إلي حدٍّ كبير لكل ما حولها في الحيوة الثانية والثالثة
زاد الوصف فاحتل مساحة كبيرة في الرواية وإن قرّب الصورة بشكل كبير فأخذ القارئ بهذا الوصف وهذه التفاصيل الكثيرة ليعايش تلك الفترة عن قرب


لا أستطيع فهم هذا الجهل الفادح من جانب مارية لما يحدث لها مع الرجل الغريب وهي طفلة، فإن تجاوزنا ذلك بكونها طفلة مازالت فكيف لم تفهم ذلك حتى بعد أن كبرت وصارت امرأة متزوجة فتحكي ذلك لليلي وهي لا تدرك معناه، بمقارنتها بدميانة صديقتها التى نشأت في نفس البيئة والمجتمع فكانت أنضج منها عقلا بفارق كبير


الشخصيات كثرت في الحيوة الثالثة بشكل كبير بما يتوافق مع غريب يري المكان جديدا عليه، ولكن قل بذلك إعطاء بعض الشخصيات حقها كاملا كأم البنين وليلي وعميرو بعد أن صار رجلا وزوجا


النبطي، وهو أهم من في الرواية، ظهر مستترا في علاقته بمارية وفي موقفه تجاه ما حدث لأهله الأنباط وفي الدين الإسلامي الذى كان في أول انتشاره بين العرب
فكأن هذا جزءٌ ناقصٌ في الرواية ظللت منتظرا في قراءتها زيادة مساحته ولو قليلا، لكن ربما يشفع لذلك كون الرواية بعين فتاة بسيطة لا تستطيع أن تدرك من ذلك شيئا ذا أهمية
فقط أرادت التقرّب من النبطي أرادت ولم تفعل شيئا، كما قالت:
ما لي دومًا مستسلمةً لما يأتيني من خارجي، فيستلبُني .. أَحَجَرٌ أنا، حتى لا يحرِّكني الهوى، وتقودني أُمنيتي الوحيدة ؟




أهم ما في الرواية هو حياة الأنباط ودورهم الكبير في وجود العرب في مصر قبل وبعد الفتح العربي الذي لم يكن - برؤية الرواية - غير خطوة متأخرة لتاريخ قديم للعرب في مصر


وجود الشخصيات التاريخية في الرواية كعمرو بن العاص وحاطب بن أبي بلتعة وغيرهم لم أراه مقحما على الرواية كما رأى بعض القرّاء، بل رأيته ضروريا لتقريب الصورة الحقيقية لدور الأنباط في هذا العصر بما لا يفوق الحقيقة بل هو أبسط ما يمكن أن يثبت تاريخيا عنهم




اللغة فخمة رصينة بما يتوافق مع دكتور يوسف زيدان كعالم كبير في اللغة العربية وأصولها وبما يتوافق مع الرواية وزمن أحداثها

No comments:

Post a Comment