June 22, 2010

التنوير الزائف




..
التنوير الزائف
د. جلال أمين
دار المعارف - سلسلة اقرأ 1999
..

ـ" كل من شعاري التنمية والتنوير بالمعنيين الرائجين لهما يخفي في ثناياه مسخ شخصية الأمة والتضحية بكل ما تتسم به عن غيرها، دون تمييز بين الصالح منه والطالح، وافقادها القدرة علي الابتكار الحقيقي والنهضة الحقيقية، باسم رفع متوسط الدخل مرة، وباسم الانتصار للعلم والعقلانية والحرية مرة أخري. "ـ

تلخص تلك الكلمات ما يريد أن يقوله د. جلال أمين في هذا الكتاب. فهو يري أن التنوير ليس مطلقا في كل مكان أو زمان فلكل منهما -الزمان والمكان- ما يميزه ويحكمه بتقبل ما يراه يتوافق مع ثقافته العامة أو لا يتوافق. وإنما يكون تنويرا بحق بقدر التزامه بشخصية الأمة وعدم ابتعاده عنها بما ينفيها ويحولها إلي مسخ.


.....

يعرض في الجزؤ الأكبر من الكتاب بعض محاور هذا التنوير الزائف كنظرية أو فكرة عامة ثم في الجزء الثاني نماذج له.

نموذجان هما ما عرضهما الأول كتاب في الشعر الجاهلي لطه حسين الذى أصدر ضجة منذ ظهوره (1926) لم تختفي آثارها حتى الآن. يقارن بين أفكار طه حسين في الكتاب وبين كتاب "النقد التحليلي لكتاب في الأدب الجاهلي" لمحمد الغمراوي. حيث يمثل في تلك المقارنة فكر طه حسين في هذا الكتاب التوير الزائف ويمثل رأي محمد الغمراوي التنوير الحقيقي الملتزم بثقافة الأمة وشخصيتها.

النموذج الثاني هو يوسف شاهين في فيلمه المصير وإن امتد الحديث لينسحب قليلا على أفلام يوسف شاهين كلها وعلى فكره وتطبيقه لهذا الفكر في أفلام تخدم النظرة الخارجية له أكثر مما تخدم بلده وثقافتها.
ـ

June 14, 2010

أفكار ضد الرصاص

..


أفكار ضد الرصاص
محمود عوض
دار المعارف - سلسلة اقرأ 2006



..

قاسم أمين .. تحرير المرأة
عبد الرحمن الكواكبي .. طبائع الاستبداد
علي عبد الرازق .. الإسلام وأصول الحكم
طه حسين .. في الشعر الجاهلي

..

أربعة واجهوا عقوبات مقابل آرائهم في تلك الكتب التى تحدت الرأى العام في شجاعة كبري تحسب لهم في عملهم للرقي بالمجتمع نحو حرية أرحب وأرقي، أقدر على النقاش وأبعد عن القمع والدفن.

الكتاب يعرض فصل لكل قضية من القضايا الأربعة. يحاول أن يوضح الظروف المحيطة بكل منها، حال المجتمع وقتها فكريا وسياسيا ودينيا وعلميا.
أسلوب الكاتب ضعيف في عرض تلك الظروف بتكرار المعاني كثيرا بألفاظ مختلفة ظاهريا متشابهة أو متقاربة في المعني بحيث من الممكن اختصار الكثير من الفقرات بدون إحداث خلل فى الكتاب وربما يكون أفضل دفعا للملل الذى طالنى أثناء قراءته.

التهكم والسخرية من المعاملة التى لاقاها هؤلاء الكتّاب إزاء نشر كتبهم أضعفت من الأسلوب فظهر سطحيا قليلا باستثناء بعض العبارات.


فى آخر سطرين بالكتاب، الفصل الخاص بكتاب في الشعر الجاهلي لطه حسين سأل الكاتب محمود عوض في حوار له مع طه حسين إن كان - بعد نصف قرن من قضيته - قد تغير شيء فيرد عليه بأسف وخيبة بالغة: لم يتغير شيء كثير !! ـ

June 12, 2010

أبناء رفاعة .. الثقافة والحرية


..


أبناء رفاعة .. الثقافة والحرية
بهاء طاهر
دار الشروق 2009
..

الجزء الأول من الكتاب يناقش النهضة الثقافية التى قامت في مصر على يد رفاعة الطهطاوي وأبناءه أمثال جمال الدين الأفغاني عبد الله النديم ومحمد عبده وقاسم أمين وطه حسين، وما ترتب على هذه النهضة الثقافية من تغيرات في الحياة السياسية والحياة العامة في مصر.
الفضل يرجع إليهم في نشر الثقافة والتعليم والمدارس وافتتاح أول جامعة مصرية بدات بمدرسة الحقوق المصرية.

من أهم وأطول فصول الكتاب "نحن والغرب في أدب طه حسين" يحلل فيه كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" الذى وضح فيه العميد طه حسين رأيه في كيفية النهوض بالمستوي الثقافي العام في مصر لما له من أهمية تعود على كل المجالات فتنهض بها وتبنى مجتمعا مستقلا داخليا وخارجيا قادرا على الحياة التى يستحقها.

"ومن أجل ذلك لابد أن تحدث ثورة، ليس أقل من ثورة تقتلع طبائع الاستبداد من حياتنا ومن فكرنا. ولن تتحقق هذه الثورة إلا إذا ما شاعت ثقافة الحرية ثم تمكنت من النفوس بحيث يتكون على أرضنا (الانسان - الفرد - الحر) في إطار المجتمع المستقل الذى يقوده على طريق التقدم علماء ومفكرون يهيء لهم المجتمع كل السبل لحرية البحث والتعبير، ويضع تحت تصرفهم كل الامكانات المادية التى تتيح لهم أن ينهضوا بعبء تلك الرسالة"
من كتاب مستقبل الثقافة في مصر - طه حسين*

وكان طه حسين قد بدأ بالفعل فى تطبيق لآراءه وأفكاره على أرض الواقع عندما تولي وزارة المعارف عام 1950 ولكنه لم يستطع تقديم مشروعه الكبير كما أراد فقد ترك الوزارة بعد أحداث 1952 التى بدأت معها العلاقة بين الثقافة والشعب تنحدر إلي وصولنا لهذا الحال من انعزال المثقفين عن الحياة العامة واهتمامهم بقضايا بعيدة عن القضايا الأساسية وما هو أهم ما يتمثل في إنكار المجتمع للمثقفين وأهميتهم ودورهم في النهوض به من المستنقعات الفكرية أو الجمود والتحجر الفكري.

يورد الكاتب أسباب ومراحل هذا الانحدار في فصل "الاستغناء عن الثقافة"

..

الجزء الثاني من الكتاب "العبرات" تحليل نقدى لبعض الأعمال والمشاريع الأدبية

*يوسف إدريس في محاولته للنهوض بالثقافة العامة بقصصه ومسرحياته التى ناقش فيها أسباب انحدار المستوي الثقافي. ثم بمقالاته التى اهتم بها على حساب قصصه بحثا عن اقصر الطرق لوصول الكلمة للناس.

*يحيي حقي ذلك الأب الحاني الذي يظهر أخطاء وعيوب المجتمع بلغته السلسة البسيطة المتفردة في قصصه او مقالاته.

*نقد لمسرحية شهرزاد لتوفيق الحكيم بين نجاحها قراءة وعمده تمثيلا حيث لم تلاقي نجاحا يليق بها على المسرح لدخولها منطقة المسرحيات الفكرية التى يعتمد بناءها على الأفكار وليس على المواقف.

*يحيي الطاهر عبد الله الذى اتحدت كلمته بحياته فكانا شيئا واحدا متطابقا يتوق للحب والتضامن بين البشر ويدعو لقمع الخوف الداخلي حتى لا ينتهي الحال بالموت النهائي للذات الإنسانية.ـ


June 11, 2010

الحلـــم






في أقدامي طرقات لم يطأها أحد
وأحجار لم يتعثر بها أحد
وتراب بكامل قواه الجسدية
في يدي أزهار لم تقطف
ولوحات لم ترسم
ومهنٌ لم يعمل
بها أحد
وبنادق لم تستعمل
وقبور لم تردم
في قلبي أناس لم يولدوا
وعشاق لم يلتقوا
وأطفال يبحثون
في الغبار عن شوكة
ليرضعوها
وعصافير لها أجنحة من دخان
وحيوانات مفترسة أنيابها من خيطان
وفراشات قابلة للاشتعال
في عينيّ أفق لم يتكون
ومدى لم يعرف
ونجوم تجهض ضوءها الوحيد
وبحر مليء بالقمل
وبحيرة تحولت إلى مستنقع
في لساني قصائد لم تكتب
ومقالات ملاحقة
وأغان ممنوعة
وروايات مشوهة
وفي رأسي صوت
كصوت المطر
يقول هذا وطني


دياب محمد حسن


الساحر لا يكشف عن بيانه




" أنا السابقُ الهادي إلى ما أقولُه إذا القولُ قبل القائلينَ مَقولُ "
أبو الطيب المتنبي
  




- 1 -
لو بُحْتُ بِسرّي
مَنْ يمنحُني سرَّ الغامضِ والمكنونْ؟
مَنْ يحجبني ثانيةً
كي يسألَ عني الناسُ
وأملأ حيرتهم بكلامي؟
وكذبتُ عليهم
حين زعمتُ بأنّ الخيلَ هنالكَ تعرفُني
والليلَ وأطرافَ البيداءْ
والسيفَ
ورأسَ الرمحِ
ورأسَ القلم النازفِ مثل الجرحِ
وقرطاسَ البلغاءْ
وبأنّ الأعمى ينظر في أدبي
والصُمَّ أصاخوا لكلامي
ويسير الكُسَحاءُ بسحرِ بياني
لستُ وضوحَ زماني
وكياني
كي أُعطي ما لا أملكُهُ
لستُ الشمسَ
ولكنّي غَبَشُ الليل
صدى أصواتِ الأرواحِ السوداءْ
فإذا ما جَمَّعَ من عدمِ الأشياء مصوّرُها
جَسَدي
أرسلتُ يدي
كي تمحو ما يثبت من عَدَمِ الأشياءْ
حتّى لكأنّي «لا»
في أصلِ «نَعَمْ»
أَوْ أَنّي
وسواسُ الفكرةِ
إذ تصفن أو تحرنُ بين الحرفين


- 2 -
يعلو صرحٌ فوق أصابعِ أحلامي
فإذا ما هَبَّتْ ريحٌ تشبهُني
لا أتهدّمْ
بل أمضي مثل الغيمة في الصحراءْ
وحدي
(أو أنتَ معي لافرقَ...)
أنا وحدي
وأنا (لو تعلمُ) من قومٍ
من أصلِ الجِنِّ
وإنْ كانوا في زيّ الناسْ
جوّابينَ صحاري
عَبَروا
فوق طيورٍ
أو فوق شخوص جِمالْ
وهُمو فوضى ريح هوجاءْ
فإذا سلَّمتَ علينا
فاحذرنا
وتحسّسْ أصل ذراعِكَ في جَسدِكْ
وتوسَّلْ
أن يتداركنا (نحنُ وأنتَ) اللهُ
ويرحمَ غربتنا
تُهْنا
حين انفصَلتْ «كافُ» الخَلْقِ بأمّتنا
عن متنِ «النونِ»... خَمَدْنا حتّى مِتْنا
أو كِدْنا...


- 3 -
- مَنْ أنتَ
وما تبغي؟
من نحنُ؟
... وتسألني في كل زمانٍ ومكانْ
وتريد جوابًا يشفيك من الحيره
إني الحيره
هل تفهم معنى سردابٍ
يدخل فيه (كي لايخرجَ) إنسانْ؟
هل تفهم «لا» و«نعم» وإليكَ وضدّكَ في آنْ؟
وأحبُّكَ حتى الموت
أموت بحبّك حتّى
لايُعْرفُ مَنْ فينا يقتُلُ مَنْ
أو
مَنْ فينا يُحيي الآخَرْ؟
وأريدُ جَمالَكَ لو يتحطّم بين يديَّ
لأصنعه ثانيةً
فأنا القولُ
ونَفْيُ القولِ
وسابقُ نفسي في أرضِكْ
أرأيتْ؟
(مَثلاً...)
لو مالت هذي الأرض على كفّة ميزانْ
لأشرْتُ لها بالكفّ: اعتدلي/فاعتدلتْ
أو أنَّ جبالاً خَرَجَتْ لمنازلتي
لهدمتُ مناعتَها بالسّبابهْ
......
هَلْ تضحكُ منّي أمْ تبكي؟
وتقول بسرّكَ: مَنْ هذا؟
أَشِرٌ أمْ عرّافْ؟
وحكيمٌ أم ساحرْ؟
وتُذكّرني بأبي...
(سقّاءِ الكوفةِ
مَنْ لا يعرفُه أحدٌ؟)
.... لا أعرفُهُ:
رجلٌ ماتَ ليولد منّي ثانيةً
فأنا والدُ والدِ آبائي...
...
وتذكّرني بالعبد الأسودِ
حين نَصَبْتُ له عرشًا في «مصر» من الكلماتِ
وقلتُ له: كُنْ مَلِكا...
فأقامَ عليهِ وكانَ لهُ ما ليسَ لهُ
حتى أَذِنَتْ لي كلماتي
فصرختُ به: هذا عرشي
وخرجتُ
لكي أحفظ مملكتي
من كذبِ الشعراءْ
أتضحكُ منّي أم تبكي؟
(... كذب الشعراء...)
حَسَنًا
سأحيّركُم في أمري
مادامت في الأرض الكلماتْ





محمد على شمس الدين