April 19, 2011

مصر بين العصيان والتفكك

 ..
مصر بين العصيان والتفكك
طارق البشري
دار الشروق 2006
..
بدأت قراءة الكتاب مع بداية الثورة في يناير 2011 وأنهيتها في ابريل فطالت فترة قراءته بسبب الأحداث التى كانت تحتل الجزء الأكبر -وأحيانا الأوحد- من اليوم لتأخذ من وقت القراءة بالطبع. ليكون ذلك الامتداد مناسبا في كل مرحلة مع الأحداث دون قصد منى بتقديم فصل على آخر. حيث ناقش الكتاب جوانب الأزمة في مصر والعصيان كطريق أوحد لحلها ثم ناقش التعديلات الدستورية والإصلاحات السياسية والإدراية في الدولة.
وهذه بعض النقاط التى أحاط بها البشري في الكتاب :
يبدأ الكتاب بعرض الأزمة بين العوائق الدستورية والسياسية التى تزداد كل فترة في التعمق والمضي نحو الطريق المسدود من أى منفذ للإصلاح. فتحدث عن شخصنة الدولة وتمحور كل القرارات السياسية والإدارية وحتى التشريعية حول شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص هو من يرأس كل هذه المؤسسات التى تدير حركة السياسة في مصر بشكل مباشر بغير مباشر بهيمنته الكلية عليها التى تجعله المتحكم الأوحد فيها فتجتمع بذلك كل الخيوط بيده ويلتصق بهذا المنصب بما لا يبدو معه أى مخرج شرعي. ووضح البشري ضرورة العصيان كسلاح أمام هؤلاء الأشخاص الممسكين بزمام الدولة "فالعصيان أمر حتمي للخروج من الطريق المسدود أيا كانت تكلفته ونفقاته وأيا كانت احتمالاته" . وتوقُّعُ عنف الدولة أمام هذا العصيان يوجب الإعداد له لمواجهته بعدم العنف. ناقش الكتاب أيضا الإصلاحات الساسية والدستورية وارتباطهما معا ارتباطا يخل بالاصلاح في جانب منهما دون الآخر ويحيله إلي جهد لا طائل منه. وناقش بعد التعديلات الدستورية الضرورية وعلق على التعديلات المطروحة في 2005.
وعن شرعية الخروج عن الشرعية تحدث البشري عن ضرورة كسر الحلقة التى تدور فيها محاولات الإصلاح أمام الأجهزة التى تحولت إلي شخصيات بعينها اندمجت مع المؤسسات لتسبغ عليها وصف الشرعية فمحاولات الإصلاح الشرعية في هذا النظام لا تأتي بأى نتيجة إيجابية بين الدوران داخل المؤسسات التشريعية والتنفيذية اللتين التحمتا معا في شخص واحد وقف أمام أى معرضة سادا عليها أى طريق للخروج
وعن إعادة بناء الدولة تحدث البشري عن بعض الجوانب المهمة في إعادة البناء كالإصلاح السياسي والإداري في الدولة فتحدث البشري وأولي اهتماما - لم أراه في غيره من المهتمين بالشأن العام- بالنقابات المهنية والجمعيات الأهلية التى تشكل هذه القطاعات الكبيرة في الشعب وتمثلها رسميا كجزء أصيل من الدولة.
ربما يعكس هذا الاهتمام الكبير من البشري قراءاته المتعمقة للتاريخ خاصة النصف الأول من القرن العشرين حيث لعبت هذه الجمعيات والنقابات دورا كبيرا في الشرعية الشعبية أمام كل من الملك والإنجليز.

April 11, 2011

شخصيات تاريخية


..
شخصيات تاريخية
طارق البشري
دار الهلال 1996
..
أربع دراسات يجمعهم الكتاب عن أربع شخصيات تاريخية: سعد زغلول، مصطفي النحاس، عبد الرحمن الرافعي، وأحمد حسين. كُتبت الدراسات في مناسبات مختلفة ثم جُمعت في الكتاب.

الأولي: سعد زغلول
كُتبت بمناسبة مرور 50 عاما على ثورة 1919. تتميز الدراسة بتعرضها لشخصية سعد زغلول بشكل موضوعي فلم ترفعه لما هو فوق الواقع ولم تنفي عنه دوره الكبير في تاريخ مصر في واحدة من أهم ثوراتها ثورة 1919. فيناقش الكاتب ظروف نشأته وتكوينه الفكري ثم نضاله الوطني أمام الملك والإنجليز عارضا بعض المواقف بتفصيل يوضح فكر سعد زغلول وطريقة تعامله في الأمور السياسية. يتميز أيضا هذه الفصل من الكتاب بضمه تعليقا ليوسف أبو سيف على هذه الدراسة وأخذه بعض النقاط الواردة فيها بالنقد والتحليل ثم ردا لطارق البشري على هذا التعليق.

الثانية: مصطفي النحاس
كُتبت تعليقا على مذكرات مصطفي النحاس التى اعدها محمد كامل البنا السكرتير الشخصي للنحاس. تبدأ الدراسة بعرض لنشأة مصطفي النحاس ومراحل تكونه الفكري وتعرض الدور التاريخي الكبير لثورة 1919 في تحويل مسار التاريخ المصري تماما بعدها عن قبلها سياسيا وما يترتب عليه بالطبع من تغيرات في مختلف المجالات في الدولة. فأفردت الدراسة جزءً كبيرا لتوضيح الظروف التاريخية لنشأة الوفد وتكونه وتكوين القاعدة الشعبية الكبيرة. توضح الدراسة أهمية هذه المذكرات خاصة في الفترة التاريخية بين 1926 إلي عام 1942 حيث تتناول هذه الفترة بصورة يوميات يمليها النحاس على البنا. فتوضح التفاصيل الدقيقة لبعض الأحداث التاريخية كانشقاقات الوفد الحادثة في فترة زعامة النحاس له المتمثلة في انشقاق النقراشي وأحمد ماهر وتكوينهما حزب السعديين ثم انشقاق مكرم عبيد وتكوينه حزب الكتلة الوفدية. وكذلك حادث 4 فبراير 1942 بما سبقه من أحداث بين القوي الثلاث المحركة للسياسة المصرية: الملك، الإنجليز، والوفد. يركز البشري على اهتمام فكر النحاس دائما بمسألتين هما الديمقراطية والاستقلال، ونضاله الوطنى في كل منهما أمام الملك والإنجليز وارتباط المسالتين ببعضهما واستحالة تحقيق أحدهما دون الأخري.
دراسة النحاس هي أطول فصول الكتاب من حيث عدد الصفحات فتكاد تشغل نصف الكتاب. كتبها طارق البشري تعليقا على تلك المذكرات فأوجب على قارئها قراءة تلك المذكرات أو على الأقل في حالة عدم توافرها الإلمام بالأحداث التاريخية العامة في تلك الفترة الممتدة من وفاة زغلول حتى حركة الضباط الأحرار في 1952.

الثالثة: عبد الرحمن الرافعي
كتبت في مناسبة مرور خمس سنوات على وفاة الرافعي. تعرضت الدراسة لحياة الرافعي السياسية في الحزب الوطنى ووفاءه الدائم لمبادئ الحزب التى أرساها مصطفي كامل ومحمد فريد من بعده. والفترة التى وقف فيها الرافعي معارضا لسياسة الوفد خاصة في مفاوضاته مع الإنجليز، رافضا المفاوضات رفضا كاملا طريقا للاستقلال. ويعلق البشري على هذه سياسة الرافعي بالمثالية الفاقدة للواقعية مقارنا لها بسياسة الوفد الأقرب للواقع والأجدر على تحقيق الكثير من المكاسب السياسية الحقيقية.
ثم تتعرض الدراسة لأهم ما أنجز الرافعي في حياته وهو سلسلة تاريخ مصر القومي(*) في 15 جزء مفصلا فيها التاريخ المصري من أواخر القرن الثامن عشر إلي عام 1952 في واحدة من أهم سلاسل التاريخ المصري وضعت كاتبها في مصاف أهم المؤرخين المصريين في العصر الحديث.

الرابعة: أحمد حسين
كُتبت إبان وفاته. هي أقصر الدراسات الأربع في عدد الصفحات. تعرض فيها للدور السياسي الذى أداره أحمد حسين رئيسا لحزب مصر الفتاة من بداية تكوينه في حركة الشباب عام 1930 إلي حريق القاهرة وإتهام أحمد حسين فيه ثم حل الأحزاب السياسية في 1952.
وأذكر هنا الاختلاف الكبير بين ما كتبه البشري وما كتبع محمود السعدني في كتاب"مصر من تاني" عن أحمد حسين. فجاء ما كتبه البشري محايدا تاريخيا يؤخذ به في مجال الدراسات التاريخية الجادة، وجاء ما كتبه السعدني مشوبا بالآراء الشخصية التى تغير من الصورة الموجهة للقارئ فيما يتصف به دائما السعدني في كتاباته.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نشرت هذه السلسلة عن دار المعارف وعن الهيئة العامة للكتاب ومازالت متوافرة في دار المعارف.

قيام وانهيار آل مستجاب

 ..
قيام وانهيار آل مستجاب
محمد مستجاب
الهيئة المصرية العامة للكتاب 1998
..
بين الأسطورة والسخرية يكتب محمد مستجاب لميجّد آل مستجاب ويسخر منهم، فيمجد هذه السخرية ويسخر من هذا التمجيد الواقع في محله أو في غيره لا تعرف. فقط تعرف أن كتابة كهذه لم تخرج من غير قلم هذا المستجاب العاشق للغة العربية، يكتب كأنما يحفر على الأرض الصلبة بتلك الحروف البليغة. بأسلوبه الساحر الجامع بين المتناقضات فيقنعك أنك فقط لجهلك - عفوا- تتوهم أنها متناقضات أو غير مجتمعات.

فيا هذا المستجاب الأعظم، منذ وقعت عينى على كتاباتك، من سنين عديدة، وأنا أعشق حرفك الذى ليس كمثله حرف،  قاصا كنت أو مبحرا في علوم اللغة.
فليرحمك الله، رب المستضعفين، وليمنن علينا بقراءة ما كتبت بعد جمعه من المكتبات العامة والخاصة ومن على الأرصفة.