February 21, 2013

مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية

...
مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية
عبد الرحمن الرافعي
دار المعارف 2001
...

بدأ عبد الرحمن الرافعي مشروعه التأريخي بكتابة تاريخ مصطفى كامل بوصفه باعث الحركة الوطنية في مصر، ثم عندما استطال هذا التاريخ وتشعب بحثا وراء ظهور مبدأ الحركة الوطنية في التاريخ المصري الحديث، وما أتبع تاريخ مصطفى كامل من تطورات، غيَّر الرافعي مشروعه من كتابة تاريخ مصطفى كامل إلى تاريخ الحركة القومية في التاريخ المصري الحديث بادئا بنهايات القرن الثامن عشر. فلا غرابة أن يأخذ الكتاب الخاص بمصطفى كامل -مرتكز تاريخ الحركة القومية في عين الرافعي- هذا الشكل من الانحناء في الكتابة التاريخية للحركة القومية بكتابة السيرة الشخصية لمصطفى كامل.

حيث تتبع الرافعي مراحل حياة مصطفى كامل بكل تفاصيلها خاصة بكل ما يتعلق بما ألقاه في خطب عامة أو كتبه في الصحف العربية أو الأحنبية أو رسائله إلى أصدقائه أو إلى الشخصيات السياسية العامة ولقاءاته بهم. أورد الرافعي في الكتاب أجزاء كثيرة من خطب مصطفى كامل ذات الصدى الكبير فكانت في معظمها تكرار لنفس الأفكار الحماسية. حتى أنه أثبت في الكتاب باليوم والتاريخ في أكثر من موضع إصابة مصطفى كامل بوعكى صحية عارضة لمدة يومين أو ثلاثة أيام بما ليس له أي دلالة تاريخية أو شخصية في الكتاب !!! ـ
يمثل بذلك الكتاب فجوة في تاريخ الرافعي حاول رتقها ببضع فصول ضمنها الكتاب يدور كل منها حول حدث تاريخي ثم يعود سريعا ليتحدث باستفاضة أكثر حول صدى هذا الحدث موضوع الفصل على مصطفى كامل وخطبه ومقالاته في مصر وأوروبا.
أعد ذلك عثرة في تاريخ الرافعي حيث كان يجدر به كتابة تاريخا مفصلا لتلك الفترة غير إيجازه بين طيات سيرة مصطفى كامل.
المثير للدهشة في دور مصطفى كامل الهام في بعث الحركة الوطنية في مصر هو اقتصار دور المصريين على "التصفيق الحار" عقب كل خطبة حماسية يلقيها عليهم قبل أن يتفرقوا مستكملين حياتهم المستكينة دافنين رغباتهم في التحرر خلف جدارا سميكا من الخوف.

مصر والسودان في أوائل عهد الاحتلال

...
مصر والسودان في أوائل عهد الاحتلال
عبد الرحمن الرافعي
دار المعارف 1983
...

الكتاب أضعف حلقة في سلسلة الرافعي التاريخية بتفككه المرهق عدا الفصول الخاصة بالثورة المهدية في السودان وإخلائه من الجيش المصري. باقي فصول الكتاب كتبت باختصار مخل وبغير ترابط على غير حالة الكتب الأخرى للرافعي. 

يظهر في هذه الفترة التاريخية مدى السلبية واللامبالاة التي طبعت على المصريين مع أوائل عهد الاحتلال ويُرجع الرافعي ذلك لهزيمة الجيش المصري أمام قوات الاحتلال وتسليم قواد الجيش والثورة وزعماء البلاد أنفسهم لجيش الاحتلال مقرين بالهزيمة فضعفت النفوس واستسلم الناس للحتلال. ولم يكن رجال الدولة ونخبتها السياسية بأفضل حالا من العوام فقد قبل شريف باشا -الشخصية الوطنية ذات التأثير الإيجابي الكبير في الفترة السابقة على ذلك والمؤسس للنظام الدستوري المصري- تشكيل الوزارة تحت وجود قوات الاحتلال في البلاد بل وقبل بسياسة النصائح الإلزامية في الوزارات رغم اعتراضه عليها فيما يخص إخلاء السودان من الجيش المصري وما تبعه من استقالته من الوزارة عام 1984 وتشكيل وزارة نوبار باشا. 

كانت الفترة من 1882 إلى 1890 فترة تغول الاحتلال وفرض سيطرته على الجهاز الإداري للدولة بتعيين مستشارين بريطانيين في الوزارات يبدون "نصائح" للوزير مع إلزام الوزير بتنفيذ هذه النصائح الإلزامية التي كانت تمثل الوجود الفعلي للاحتلال فتضائلت سلطة الوزراء أمام هؤلاء المستشارين الذين قبضوا على الوزارات بشكل كامل.