September 20, 2010

بين الإسلام والعروبة


...
بين الإسلام والعروبة
طارق البشري
دار الشروق 1998
...

بين الجامعة العربية والجامعة الإسلامية وفي بعض مناقشات الندوة يحلل المستشار طارق البشري العوامل المؤثرة فى قيام كل من تلك الجامعتين، ما يجمعهما ويوقفهما معا أمام كل ما يسعي لنفيهما معا، وما يوقفهما متواجهتين متاربضتين لصالح القوي الخارجية.
يبحث ذلك عبر ثلاثة آراء رأى يري أن الدين الإسلامي من أهم عوامل الوحدة العربية بين الشعوب العربية
ورأى يقول بأن الوحدة يجب أن تتم علي أساس إسلامي أولا بين الدول العربية، ثم بين كافة الدول الإسلامية
ورأى يقول بأن الوحدة العربية يجب أن تتم على أساس علماني، تلعب فيه الثقافة واللغة دورا رائدا. على أن تكون علاقة العرب ببقية العالم الإسلامي علاقة أخوة وصداقة وتعاون فقط دون إندماج سياسي

ـ" والمقولة الأولي تشير إلي موقف اتصال الإسلام بالقومية العربية. والثانية تشير إلي مبدأ الجامعة الإسلامية، والأخيرة تشير إلي العلمانية" ـ

تتميز تحليلات طارق البشري بعدم الوقوف بالبحث في العوامل المؤثرة في الفكرة أو والاتجاه وإنما تتطرق قبل ذلك إلي العوامل المسببة لقيام الفكرة وبداية تكوينها لتتضح في صفائها الأوّلْي قبل أن تتشابك المقومات وتظهر تلك الفكرة بمظهر آخر يغيّر من مآلها الحقيقي

September 15, 2010

من ذا الذي لا يعرف اسمي؟




قلتُ لكُمْ لستُ أنا منكُمْ
فلماذا حتى الآن يحيّركُم أمري؟
تقتربونَ ولا تقتربونْ
لكأني طيف خطاياكُم؟
أتخافونَ البحر المتطرّفَ
وهو يموج بأشلاء الأنهار المنتحرة
ويخبئ في القاع بقايا الجثث النخرة؟
***

لا تخشوني إن كنت عنيفًا
واخشوني إن كنت كموج البحر لطيفا
فأنا آنئذ أتدبّر فيكم ملحمتي
وكمثل الشجر الصحراويّ
سأربط جذعي بالبيداء وأرفع أغصاني
ضارعة نحو الله
فهل أعيتكم أسمائي؟
وأنا لا يعرف اسمي
من لا يعرف حرف (الميم)
محمّد
أحفر بالأقلام النورانيّة
أحرف اسمي كي أسكن فيه
كما أحفر قبرًا للضدّ
إذن فاخشوني فأنا الضد.
وذهبت إلى وادي طيبة ثانية
لأعرّف عن نفسي
وصرختُ بأعلى الصوتْ.. محمد
فلعلّ الوادي أنستهُ أصوات المرتدين
زمانَ الودّ
م....ح....مَ....دْ
فأجاب الوادي
مَنْ
أنتَ?
صرختُ م....ح....مَ....دْ
هل نسيَ الوادي
زَجَلَ الأحرف وهي تغرّد
كالأطيار على الأشجار
فيرتجف الجَبَل المُفرَدْ؟
هل نسيَ الوادي صوت الرعد وصوت الريح
صوت ملائكة الرحمن
وقد وصلوا واصطفوا صفا صفا
فوق خيول ضامرة بيضاء
ومنسرح أجردْ...؟
كبُراقٍ
(وهو حصاني)
وصعدتُ
وكان (الميمُ) يضمّ الحاءْ ببردته
ويشدّ على (الميم) الأخرى
أشلاء الوَجْد
فيشتدّ
يا ولهي
وأنا أصاعَدُ في ملكوتٍ
لا يعرفه غير العشاق
إذا وصلوا ووصلت
وكانت أسمائي تتبعني
وحروفي تتداعى بين يديّ كما تتداعى خلف الراعي الأغنامُ
تفيض فيأمرها بيديه
فترتدّ نحو حظائرها
وتلوذ هناك بمرعاها
لو كنتم أغنامًا
لرعاكُمْ راعيكُمْ
لكنّ كلاب مخازيكمْ تعوي فيكمْ
فالتمسوا
كي يُصرف عنكم
شرُّ مآسيكم
سببًا لاسمي
أو
فالتمسوا حرفين
إذا اجتمعا
خَلُصت عندهما
علل العالم

 
محمد علي شمس الدين

September 12, 2010

مربع الظلام


 

إلى بديع الزمان الهمذاني.
ويروى أنه كان قد دخل في غيبوبة طويلة، فظن أهله أنه قد مات فقاموا بدفنه،
وحين استيقظ من غيبوبته، وهو في القبر، مزق كفنه، قبل أن يموت من جديد.

 
جلستُ في مربّعِ الظلام وحدي
منتظرا من النهار أن يجيء كاشفا سريرتي
وكنت قد أودعتُ في التراب وردةً
ولذت هارباً إلى الجبالِ
تاركاً على الثرى ما يشبه الجسدْ
وقلت ربما أعود في غدٍ
وقد أكون جائعاً
فآكل التي في فمها دمُ الحياةْ
وقد أكونُ عارياً
فأكتسي بما يكون قد نما من الأوراقِ
فوق جسمها النحيلْ
وحينما رجعتُ
قلتُ أسترد كنزي الدفينَ من غياهبِ الترابْ
أخذتُ معولاً
وشمعةً هزيلةً
وسرتُ حاملاً خطايَ خائفاً
كمن يعود بعد الموتِ نحو بيتهِ
وقفت لحظة كالمستريب
لا أرى معالمَ الطريقْ
وكان للمكانِ رهبة
وفي الخلاءِ ذئبة
وجدتها هناك لا تنامْ
عينان في الظلام تتبعان خطوتي
وللظلال قفزة الحصان في المضيقْ
ولم أجد على الترابِ
غير ثلةٍ من النمالِ
سرتُ خلفها
حتى بلغت تلةً بعيدةْ
ضربتُ فوق صخرها
بفأسي القديم ضربتينْ
فانشق تحت الفأسِ
شيء يشبه الكفنْ
وقام من ضريحه
فتىً
كما تقوم زهرة من الصقيعْ
سألته:
يا أيها الفتى
المكفّن
البديعْ
أتيتُ من غياهب الزمانِ
أسترد منك وردتي
وأسألكْ:
نعيش هذه الحياة مرةً وحيدةً
لكي نموتَ بعدها إلى الأبدْ
أم أننا نموت هذه الحياة مرة وحيدةً
لكي نعيش بعدها إلى الأبدْ؟
وقبل أن يجيبني عن السؤال
ضمني إليه باكياً وضاحكا
وكان هذا آخر اللقاءِ بيننا

 
محمد علي شمس الدين

September 10, 2010

لم يُخْطئْ جنونُكَ أيها الجميل




ها أنتَ تنهضُ من ظلامِ دمائكَ السوداءِ
أبيضَ عالياً كالبدر مكتملاً ومشتملاً على أسماءِ
مَنْ غَسَلوا عذابَكَ أو غَسَلْتَ عذابهم بالماءِ
أو برصاصةٍ خرساءَ لم تصطَدْ بها طيراً ولكنْ
أجملَ الغزلانِ, رأسَكَ في دوائرِهِ النبيلةِ
حينما صوّبْتَ لم تخطئْ ولم يخطئْ جنونُك يا جميلُ
ويا مُشَعَّثُ يا جميلُ غَلَبْتَ مَن عاشوا بموتِكَ
شاهقاً كالنسرِ حين يدقُّ في صخرِ الجبال ضلوعه
ليعيش منتشراً على الأَكماتِ في لبنـانَ منتشياً
بريشِ جناحه المنشور في الظلمات كُلُّ قلامَةٍ
نجمٌ وكُلُّ دمٍ تَفَجّرَ من منابع هذه الأرضِ القديمةِ
في مهاوي لحمِكَ الريّانِ أرْغُنَةٌ أتسمعُ ما يردّدهُ
الرعاةُ على الفلاةِ من الغناءِ فيطربوا وَلَعاً? ويُفتَحُ
في انسداد الريح صوتٌ صارخٌ كالريحِ ها إنّي أتيتُ
من الغياب لكي أهزّ حضوركم وأصبّ في الكأسِ
القديمةِ ما تجمَّعَ من مدامعكم هي الأمطارُ تهطلُ
من سماء قروحكم على شَفَتي فيشربها فمي الظمآنُ لا غفرانَ.
لستُ أكثرَ من جريحِ صدودكم وجريح جرحي لا مفرَّ
من الرصاصةِ في مدى عُنُقي ألا انبثقي إذنْ يا كبرياءَ أبي
وَجَدّي في الجرود وكبريائي فالمدى ذئبٌ وأيُّ مخالب الذئبِ
الطويلةِ في الشوارعِ سوف أقطعُها? ولي مأوايَ أمْ لسوايَ?
للوحشِ الذي يهوي كعاصفةٍ ويزحفُ كالجرادِ على البلادِ أم الصغارِ?
أنا معلّقةُ النهار على ظلامٍ دامسٍ كالنفس في ظلماتها في الليلِ
ألمعُ مثل برقٍ ثم أقطعُ ما تقادَمَ من وريدي إنني مَلِكٌ
ولي فَلَكٌ على الأزمانِ يا أزمانُ يا أزمانُ هل هرموا? وهل
صَدئ الملوكُ على الصكوكِ وهل تباعَدَ سرُّهُمْ كدبيب آثار النمالِ على
المدى? وأنا وَهُمْ وحملتُهُمْ نقشاً على جسدي فَعَطّلَهُ
الغبارُ ومعصماً لم يعصموهُ فصار كالأغلالِ لستُ فتى على الأطلالِ
يبكي أو ينوحُ بعبرةِ الخنساءِ أو قيس العليل مكوّماً كالظلّ
عند جدار ليلى وتبول فوق عيونِهِ الآرام والأغنام أو أنّي
كدرويشٍ يدور على الديار ولا ديار فيكتفي بالقول إني عاشقٌ
والأرض عشقي وهي أبعد من نشيدي لستُ أحمدُ أو محمّد أو كيوحنّا
ورأسي في الإناءِ, أنا انحنائي كي أضمّك يا سماءُ ويا... قليلاً ما
تجود عليَّ أقدار السماء بمثل ما جادَتْ عليَّ من الحبور وَلي الثريّا
وهي أصعبُ من منازلها ومن أسمائها وجميع مَن ماتوا لكي يصلوا وما
وَصَلوا وإنْ سألوا: وماذا السرُّ? كدتُ أجيبهم لكنني آثرتُ
أن أدَعَ الكلام لسحرِ صمتي حين أعشقُ لا أقولُ, وحين أومئ لا أجيبُ
وحين أمشي لا أغيب, وكيفََ لي يا أيُّها الجَبَلُ الذي اشتَعَلَتْ بِهِ
أحشاؤهُ أن أستجيبَ لغير موتي فيكَ, إني عاشق الجبل المطهّمِ
كالحصان وعاشق امرأةٍ على جبل هناكَ تنامُ مثل الثلج في حَرَمون
أصعد ما صعدت, فإن وصلتُ فذاكَ أني لم أصِلْ إلاّ إلى وَجَعي
وأحبُّ أن أبكي ولي وَلَعي بأنْ - حينَ احتدامِ الرعد في كانون والبرق
المدوّي في السماءِ, وبعلبك وبعض صيدا والجنوب - بأنْ أغنّي
للجرود وللّتي يمشي على آثار خطوتها دمُ العاصي, وتنسحب الخمائلُ من
تنقّلها على البستانِ (كلْدستانُ سعدي) بعضُ لفتتها وللخيّام في
شرع الصبابة خمرتان وإنّ لي وحدي ثلاثاً لي بريقُ عيونها (كأساً)
ولي إشراقُها (شمسا) ولي ما ليسَ يُروى من بهاء الروح في هذي
القبابِ العامليّة إنّ لي حَجَلي على جبلي, ولي نهرانِ من لبنٍ ومن
عسلِ, ولي أيضاً شرودي في مسالكها البعيدة واشتهائي أن أضيع
ولا أُرى إلاّ غريباً في اشتهائي, وأنا الإمام وكلّ من عشقوا ورائي
وأنا قتيلُ محاجر الغزلان أرحل في الزمان وقلبهم مازال يخفق في ردائي
 

محمد علي شمس الدين

September 4, 2010

الموكب الصامت


واضعا يدي في جيبي المثقوبين
سائرا في الشارع
رايتهم يتطلعون خلسة الي
من وراء زجاج واجهات المخازن والمقاهي
ثم يخرجون مسرعين ويتعقبونني
تعمدت ان اقف لاشعل سيجارة
والتفت الى الوراء كمن يتجنب الريح بظهره
ملقيا نظرة خاطفة الى الموكب الصامت:
لصوص و ملوك و قتلة , انبياء وشعراء
كانوا يقفزون من كل مكان
ويسيرون ورائي
منتظرين اشارة مني.
هززت رأسي مستغربا
ومضيت وأنا اصفر بفمي لحن اغنية شائعة
متظاهرا بأنني امثل دورا في فيلم
وبأن كل ما ينبغي علي ان افعله هو ان اسير دائما الى الأمام
حتى النهاية المريرة


فاضل العزاوي