..
الفصول الأربعة
عمر فاخوري
كتاب الدوحة 2011
..
في النقد الأدبي يناقش عمر فاخوري أربع إشكاليات أدبية خلال أربعة فصول ..
في الفصل الأول يناقش النموذج الذي يجب أن يكون عليه النص الأدبي متحررا من كل ما يضيق عليه أفق الإبداع، قاصدا بذلك منهج الفن للفن الذي ساد في أوروبا، ويرصد كذلك استباق العرب إلى هذا المنهج الأدبي وذلك في رسالة قدامة ابن جعفر "نقد الشعر" حيث دعا قدامة ابن جعفر في رسالته الشعراء إلى التحرر من قيود الشعر وألا يكون أمامهم في الكتابة إلا الشعر نفسه مبلغا وغاية.
في الفصل الثاني يدعو عمر فاخوري إلى تحرير الأدب والشعر من هوس الحكم وهوس التاريخ وهوس المقارنة. هوس الحكم على النص أو كاتبه حكما جازما قاطعا بنبوغه أو حمقه. هكذا بلا موقف بينهما وهو ما يحبه العامة من التطرف الفكري. هوس التاريخ يقصد به ربط الشعر بالتاريخ وتفسيره تاريخيا أكثر من الاهتمام به أدبيا " هل يُجدي شعر ابن أبي ربيعة مثلا، علمُنا أنه كان صادقًا في حبه لا كاذبًا؟ وهل يضر بشعر المتنبي مثلا، علمنا أنه كان كاذبًا في مدح سيف الدولة لا صادقًا؟ لنفرض أنهما كانا صادقين، ثم نفرض أنهما كانا كاذبين، ولنقلب المسألة صدرًا لظهر وظهرًا لصدر، فماذا يكون؟ ماذا يكون بالإضافة إلى الشعر؟ تُرى، أيغض الكذب من قدر شعرهما، أو يرفع الصدق من شأنه؟ لقد كان المتنبي عبقريا رغم أنف الصدق أو الكذب .." ـ
هوس المقارنة وهو مقارنة الشعر بما لا يشترك معه في أي خلفية لتنطلق منها مقارنة الاختلافات كمقارنة بعض النقاد شعر المتنبي بالمذاهب الفلسفية لدراون ونيتشه، بعد أن خلصوا من مقارنته بشكسبير، حتى كدنا أن ننسى أن المتنبي شاعر.
في الفصل الثالث "عود إلى الشعر" يدعو الكاتب إلى العودة إلى الشعر بجانب الإبحار في علوم الشعر القديم. فما المانع من استحداث بحور شعرية جديدة غير التي نظم عليها العرب الأوائل أشعارهم؟ لا شيء. إلا عدم الفهم وعدم الثقة.
الفصل الرابع كله نقدي في صورة بلاغية للمتنبي في قوله "تناهى سكون الحسن في حركاتها" فانطلق الكاتب يرصد أقوال وشروح السابقين في هذا الشطر ثم شرح صاحب (نظام الفنون) وما يلاقي هذا البيت من شعر أبي نواس في بيت آخر.
لم يرد عمر فاخوري أن ينهي الكتاب قبل أن يثير إشكالية فكرية كبرى لفتت انتباهه في حواره مع صديقه الصيدلي. يقول صديقه -وهو صادق في قوله- أنه أعلم من لافوازيه أبي الكيمياء بعد أن تخرج من الجامعة ودرس في الكيمياء أكثر مما عرفه لافوازيه في حياته لكنه يظل بعد ذلك صيدلي ليس إلا، ولافوازيه نابغة وكفى. وعلى هذا القياس يرى عمر فاخوري نفسه أعلم بشئون اللغة ومذاهب النقد وبحور الشعر أكثر من المتنبي لكنه ليس المتنبي.
No comments:
Post a Comment